ابق في اللحظة الحاضرة (حتى مع هاتفك)

متى كانت آخر مرة كنت تتناول فيها الطعام مع أحد أفراد عائلتك بينما تراسل في الوقت نفسه صديقًا بخصوص الخطط التي وضعتها لوقت لاحق ف ذلك اليوم، وتسترق النظر إلى قصة زميلك الجديدة على إنستجرام (كل ذلك في وقت واحد)؟ نحن جميعًا نؤدي أكثر من عمل في هذا الوقت أو ذاك، بيد أن هذا شكل فريد من أداء عدة مهام اجتماعية في وقت واحد.

التعددية الاجتماعية هي عندما تنخرط في محادثات متعددة -حقيقية أو رقمية- في الوقت ذاته.

هل تقرأ هذه على عجل وأنت تبادر بطلب سيارة أجرة من أوبر، وتتلقى أربعة إشعارات من تطبيقات مختلفة؟ إذًا أنت تعرف ما نتحدث عنه بالضبط.

حافِظ على تركيزك

وفقًا لعلماء الأعصاب فإن أدمغتنا لا تستطيع تأدية عدة مهام بهذا القدر من الجودة في وقت واحد، وما نفعله حقيقة عندما نعتقد أننا نؤدي مهامًا متعددة، أننا ننقل انتباهنا من شيء إلى آخر، لكن هذا لا يعني أننا قادرون حقًا على التركيز في أكثر من شيء في الوقت نفسه، ويقال إن محاولة القيام بعدة أشياء معًا تُبطئ من أدائنا في المجمل.

إذًا لماذا نفعل ذلك؟

أحيانًا لأننا محكومون بوقت معيّن للقيام بعدة أشياء فيه، لكن في أغلب الأحيان يحدث هذا بسبب تنافس هواتفنا على جذب انتباهنا بطرق مختلفة!

يُصدر هاتفك أزيزًا، وتضيء الشاشة، وإذا كان لديك ضوء تنبيه فإنه يشرع في الوميض إلى أن تتفحص الإشعار الذي أتاك.

وحتى إن تجاهلتَ الأزيز والأضواء، فإن أيقونة التطبيق ستُظهر دائرة حمراء، تشير إلى أن لديك رسائل لم تقرأها، ومن ثمَّ يجري سحبك إلى خارج اللحظة!

notifications-icons

إذا كان مجرّد رؤيتك صور هذه الإشعارات، يجعل دقات قلبك تتسارع، فلستَ وحدك! إن كل هذا مصمم ليجعلنا نشعر بأن الأمر عاجل أو أن لدينا التزامًا لا بدَّ أن نوفيه، بل يجعلنا نتساءل "ماذا لو كان هذا مهمًّا بالفعل"!

لكن ليس لأن هاتفك وتطبيقاتك مصمّمة لإبقائك مهتمًا، فإن هذا يعني أبدًا أن كل انتباهك يجب أن يوجَّه بالفعل إليها، هناك بعض الخطوات التي يمكنك اتّخاذها للتحقق من دوافعك، وتثبيت نفسك في اللحظة الحاضرة.


كُن هنا الآن

معرفة أن هاتفك مُصمّم لجذب انتباهك إليه، يمكن أن تساعدك على المبادرة باتخاذ خيارات مختلفة للموازنة بين المحادثات الرقمية ومحادثات الحياة الواقعية. هذه الاقتراحات سوف تساعدك على البقاء حاضرًا في أثناء وجود الآخرين.

١. رتَّب ما يستحقّ انتباهك

يختلف هذا من شخص لآخر ومن موقف لموقف. هل كنت مثلًا تتناول الغداء مع صديق لم تره منذ فترة، بينما تمر شقيقتك بوقت عصيب وترسل إليك رسالة طلبًا للدعم؟ بمجرد أن تقرّر مَن فيهما يجب أن يحظى بانتباهك أولًا، ستتمكن من توصيل احتياجاتك للشخص الآخر بوضوح.

إذا حصل صديقك على الأولوية في تلك اللحظة، فيمكنك أن ترسل رسالة إلى شقيقتك قائلًا إنك عالقٌ في عمل لا فكاك منه، وسيكون بوسعك أن تتفرغ لها خلال ساعة. هل يمكن أن تفكر في شخص آخر جدير بالثقة يمكن أن تلجأ أليه أختك في الوقت الحاليّ؟

أما إذا حازت شقيقتك على الأولوية، فهل تشعر بالراحة لإعلام صديقك أنك يجب أن تجيب رسالة أختك حالًا لأنها تمرّ بظرف عصيب؟ هل سيتقبل صديقك ذلك أم سيكون عليك تحديد موعد آخر للغداء بصحبته لتعويضه؟

٢. ضع توقّعاتك

سيكون أحبّاؤك أكثر تفهمًا ومساندة عندما توجّه اهتمامك إلى ناحية أخرى، إذا كان لديهم علم بما يحدث، تواصل بصراحة بخصوص ما يجري في حياتك الرقمية حتى لا يشعرون أنهم غير جديرين باهتمامك.

في سيناريو الغداء السابق، وقبل أن تكتب رسالة إلى شقيقتك، يمكن أن تقول لصديقك: "آسف للمقاطعة، لكني مضطر لكتابة رسالة سريعة، وبعد ذلك يسرّني أن أسمع مزيدًا عن كيف قضيت يومك".

٣. أعدّ طقوس "وقت التركيز"

جميع الهواتف لديها خيار الوضع الصامت، ويعني أنك عندما تستلم إشعارًا أو مكالمة، لن تسمع أي صوت أو تشعر بأي اهتزاز، مما يساعدك على تفادي تشتيت الانتباه الذي يسببه هاتفك.

إذا تولَّدَت لديك عادة وضع هاتفك على الطاولة، ببساطة اقلبه ليكون وجهه للأسفل، كي لا تتشتت عيناك بفعل الأضواء الوامضة.

بل ويمكنك التفكير في إغلاق هاتفك، أو وضعه بعيدًا عنك )في أحد الأدراج، في حقيبتك) خلال وقت تركيز اقتطعته لنفسك.

٤. ارفع صوتك

معظم برامج الرسائل، مثل سيجنال، واتس آب، فيس بوك، ماسنجر، تتيح لك أن ترسل رسائل صوتية، وهو ما يمنحك الفرصة لترك رسائل صوتية قصيرة على راحتك، دون تحمّل عناء المكالمة الهاتفية، وبخلاف اللمسة الشخصية للرسالة الصوتية، فيمكن أن تجد من الأسهل مناقشة المواضيع المعقدة بهذه الطريقة، وجني فائدة إضافية بالإشاحة بنظرك عن شاشة هاتفك قليلًا!

٥. أشرِك الجميع

أدِّ دورك في تشجيع إجراء المحادثات الشخصية وجهًا لوجه، أو عبر منصات الدردشة الخاصة مثل سيجنال أو واير، أكثر مما تفعل على وسائل التواصل الاجتماعي.

عندما تكون مجتمعًا مع أصدقائك، أو أفراد عائلتك، أو حتى في اجتماع عمل، ربما تتفقون على أن يضع الجميع هواتفهم في الوضع الصامت، أو يضعوها بعيدًا عنهم، أو لا يصحبوها معهم منذ البداية.

يمكنك أيضًا أن تحوِّل طقوس وقت التركيز إلى ألعاب مسلية مع أحبّائك، على سبيل المثال، إذا كنت على طاولة عشاء، اجعل الجميع يضعون هواتفهم في منتصف الطاولة، وأوّل مَن يتفحص هاتفه هو الذي يدفع الفاتورة!

حالما تنجح في ممارسة طقوس وقت تركيزك، راجع الهواتف الذكية تستدعي عادات ذكية.

آخر تحديث في: 29‏/7‏/2020